16 - 08 - 2024

مدينتي الفاضلة | أفراح عرش العدالة

مدينتي الفاضلة | أفراح عرش العدالة

اليوم يشرق عهد جديد على عرش العدالة.. تنفيذ القرار رقم 446 لسنة 2021 للرئيس السيسي، بتعيين 98 قاضية متميزة، بمختلف دوائر هيئة مفوضي الدولة، هو دعم وزهو لحصن العدالة، وفخر لجمهورية مصر الجديدة.. تعيينهن في مجلس الدولة والنيابة العامة، هو اعتذار للسفيرة د. عائشة راتب عن رفضها لكونها أنثى!! وإنصاف للراحلة العظيمة المستشارة تهاني الجبالي، أول قاضية وصلت بتميزها المهني والثقافي عام 2003 لمنصب نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا.. ثم عزلها حكم الاخوان فنالت وسام الشرف الوطني، ورحلت واسمها محفور على منصة العدل وفي وجدان مصر.

استقام عرش العدالة بصعود القاضيات للإدارية العليا، منبئا عن عدالة بنكهة الانسانية، قادرة على تنقية سمعة القانون من وصف "القانون حمار"، بمعني أنه قد ينحرف لبراعة فئة محامين أتعابهم ملايين، لقدرتهم على إبراء أي مجرم من أي جريمة!! بتستيف الأوراق، والدفع ببطلان الاجراءات، وافتعال الأدلة.. مثلا، محاكمة مبارك على سرير طبي، أصبحت سابقة ناجحة يمارسها الأثرياء، نتابع فصولها بغضب عاجز مع جلسات محاكمة شاب قتل ثلاثة شبان لقيادته مخمورا.

الخبر السار أطلق خيال مدينتى الفاضلة، فرأيت القاضيات يٌجمٍلن منصات القضاء المدني والجنائي، أحكامهن دقيقة مميزة، أكسبتها الأمومة صبرا وحكمة وإنسانية.. قلبت في دفاتر العدالة فأشرقت أحلامي!!

مثلا، قاضية في ولاية امريكية حكمت على حرامي سطو مساكن، وسرقة سيارات عمره 29 سنة، بإلزامه بالخضوع لدروس الارشاد والموعظة يوميا في مكان عبادة لمدة 8 أسابيع.. صحيح أنه بعد عشرة أشهر من تنفيذ الحكم قبض عليه بنفس التهم، واختلف توقيع العقوبة، لكن الحكم أظهر خللا مجتمعيا يحتم الانتباه.

في المقابل، قاض عصبي من نيويورك، سمع رنة هاتف محمول في القاعة فسأل عن صاحب الهاتف، وأمام  صمت الجاني، أمر باعتقال كل من في القاعة وكانوا 46 شخصا !! خرج 32 منهم بكفالة، والباقي دخلوا السجن!! أقالوا القاضي، وتعلم الحضور احترام المحكمة.

وسيدة متهمة بالقتل الخطأ نتيجة قيادة تحت تاثير المخدرات.. حكمت المحكمة بسجنها 30 يوما فقط، ومعاقبتها بحمل صورة القتيل وهو في التابوت المفتوح لمدة خمس سنوات!! وصدقوني بيفتشوا ويقفشوا!

وحكم تأنيب مشابه، أصدرته محكمة على سيدة – 28 سنة- تسيء معاملة حصانها بإهماله وتجويعه حتى أصابه هزال وأوشك على الموت.. الجيران أبلغوا عنها، فعوقبت بالسجن شهرا، وإقتصار طعامها أول ثلاثة أيام على خبز وماء كما كانت تقدم للحصان، مع محاصرتها في الزنزانة بصور حصانها البائس.

شاب متهم بحيازة مخدرات، فور صدور حكم إقامته الجبرية في منزله، صرخ للقاضي متوسلا أن إعفاءه من الاقامة مع والدته لأنها رغاية ونمامة، متلفظا بما لا يليق عن الأم.. هيئة المحلفين ضاعفت حكم الغرامة لإهانة الأم، وحكمت ببقائه معها 28 يوما، مكبلا بالأصفاد من 10 مساء حتى 7 صباحا.

ومالك 48 منشأة عقارية بولاية أوهايو الأمريكية، أهمل صيانتها حتى آلت للسقوط.. حكمت المحكمة بإقامته في أسوئها فقرا وخطرا لمدة ستة أشهر، لا يغادرها إلا لمباشرة أعمال الترميم والمناسبات العائلية! تفتكروا كانت إيجار قديم ومجلس نوابهم يتمارض!!

هذه نماذج أحكام تهذيب وإصلاح خارج الصندوق، تٌجنب الدولة أعباء، وتساعد على تعديل السلوك وتقليل النتائج السلبية لعقوبة الحبس.. قاضياتنا قادرات على منح حياة للقانون، روح ونبض، قوة واحترام.. بانتشارهن في النيابات والمحاكم، ستشتعل المنافسة الايجابية، وممكن نستعيد قيم الأخلاق، والخوف من القانون، واحترام المرأة، ويرتفع النقاب عن وجه مصر.. وسيكتمل المشهد بقرار من الرئيس بزيادة المحاكم المتخصصة – الصحة، المرور، السكن،....- لخفض عذاب وتكاليف فض النزاعات، والحد من الجريمة.. ساعتها نحتفل بتغيير سمعة القانون من حمار لجبًار.. ونتسابق لانتزاع حقوقنا بالقضاء.
---------------------------
بقلم: منى ثابت

مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | مين قطع النور عن مين؟!